أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان: “الوقف وحرمة الاعتداء عليه”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 25 صفر 1438هـ، الموافق 25 نوفمبر 2016م

خطبة بعنوان: “الوقف وحرمة الاعتداء عليه”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 25 صفر  1438هـ، الموافق 25 نوفمبر 2016م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:    

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأزواجه أمهات المؤمنين وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد فيقول الله تعالى:” لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (آل عمران /92).  روى وكيع في تفسيره عن عمرو بن ميمون “لن تنالوا البر” قال: الجنة، وقال الإمام أحمد عن أنَس بن مالك: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب. قال أنَس: فلما نزلت: ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”قال أبو طلحة: يا رسول اللّه إن اللّه يقول: ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة للّه أرجو بها برها وذخرها عند اللّه تعالى، فضعها يا رسول اللّه حيث أراك اللّه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : “بخ بخ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين” فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول اللّه. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه “( البخاري ومسلم).

أخوة الإيمان والإسلام :

حديثنا إليكم اليوم عن الوقف والمحافظة عليه وحرمة تبديده ..

والوقف هو مصطلح إسلامي، لغوياً يعني الحبس أو المنع، فيقال: وقفت الدار لوجه الله -تعالى-، أي: حبستها في سبيل الله . واصطلاحاً هو: “حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح”. ويشمل الوقف الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل الأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها فتعتبر صدقة كالنقود والطعام وغيرها.

الفرق بين الوقف والصدقة  :

 ** ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بانفاقها، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الانفاق في أوجه الخير حتى بعد الوفاة.

عباد الله: ويحصل الوقف بالكتابة والقول والأشهاد عليه ويحصل بالفعل. أما القول فله ألفاظ صريحة كأن يقول وقفت أو سبلت أو حبست. وبالفعل كأن يبني مسجدا ويقول للناس صلوا فيه. أو أن يمكن الناس من الدفن في أرض له فيقول أدفنوا موتاكم في أرضي هذه فهذا الفعل يعتبر وقفاً.

وأنواعه :

ينقسم الوقف إلى نوعين ويشتق الثالث منهما وهم كالتالي :

  • الوقف الأهلي (الذري):ما جعلت فيه المنفعة لأفراد معينين أو لذريتهم سواء من الأقرباء أو من الذرية أو غيرهم. ويكون الوقف باطلا غير مشروع إذا قصد به الواقف مضارة ورثته، كمن يقف على ذكور أولاده دون إناثهم، لأن ذلك مما لم يأذن به الله سبحانه، بل إنه تعالى نهى عن الضرر والضرار، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “لا ضر ولا ضرار”.(متفق عليه).
  • الوقف الخيري: ما جعلت فيه المنفعة لجهة بر أو أكثر وكل ما يكون الإنفاق عليه قربة لله تعالى.
  • الوقف المشترك: ما يجمع بين الوقف الأهلي والخيري.

ومقصد حديثنا اليوم عن :

الوقف عامة  وهو مشروع ومستحب ومن الدلائل على ذلك : قوله تعالى: ” لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ “، ولما سمعها أبو طلحة بادر إلى وقف أحب أمواله إليه وهو بستان كبير كثير النخل اسمه (بيرحاء)( البخاري(.

ما روي عن عمرو بن الحارث بن المطلق أنه قال : ” ما ترك رسول الله إلاّ بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة “. (البخاري.(وقف النبي لسبع حوائط(بساتين) بالمدينة كانت لرجل يهودي.

و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” . (مسلم وأحمد والترمذي). ويفصل معنى الصدقة الجارية ما ورد في سنن ابن ماجة عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “‏إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ”.

وقد تحصل من هذا الحديث جملة من الأعمال المباركة إذا قام بها العبد في حياته جرى له ثوابها بعد الممات , وقد نظمها السيوطي في أبيات فقال :

إذا مات ابن آدم ليس يجري ***عليه من فعال غير عشـر.

علوم بثها ودعاء نجل وغرس*** النخل والصدقات تجري.

وراثة مصحف , ورباط ثغــــر*** وحفر البئر , أو إجراء نهر.

وبيت للغريب بنــاه يـــــأوي***إليـــــه , أو بناء محل ذكــــر.

وقوله : ورباط ثغر ” شاهد حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه , وأمن الفتان”(مسلم). أي ينمو له عمله إلى يوم القيامة , ويأمن من فتنة القبر .

أول وقف في الإسلام

أخوة الإيمان والإسلام :

كان أول وقف في الإسلام هو مسجد قباء الذي أسسه النبي صلي الله عليه وسلم  حين قدومه إلى المدينة مهاجراً. ثم المسجد النبوي الذي بناه صلي الله عليه وسلم   بالمدينة بعد أن استقر به المقام.

وأول وقف خيري عرف في الإسلام هو وقف سبع بساتين بالمدينة، كانت لرجل يهودي اسمه مخيريق، أوصى بها إلى النبي صلي الله عليه وسلم  حين عزم على القتال مع المسلمين في غزوة أحد، قال في وصيته: “إن أصبت ـ أي قتلت، فأموالي لمحمد ـ يضعها حيث أراه الله، فقتل، وحاز النبي  صلي الله عليه وسلم  تلك البساتين السبعة، فتصدق بها، أي حبسها. ومضى الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ على ما سنه النبي صلي الله عليه وسلم  ، وعملوا بما حث عليه من الإكثار من الصدقة والإنفاق مما يحبون، وسجلوا أروع الأمثلة في التطوع بأحب أموالهم إليهم.وهذا أول وقف في الإسلام والوقف لم يكن معروفا قبل ذلك عند الناس بل مما شرع في الإسلام. (ابن كثير والواقدي وغيرهما).

مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ

*عباد الله : لقد كان خيار هذه الأمة يقفون مما يحبون من أموالهم ابتغاء وجه الله , وكانوا يتسابقون ألي ذلك ويتنافسون فيه فقد وقف أبو بكر الصديق بيوتا له على ولده من بعده ,ويتصدق بكل ماله ففي غزوة تبوك كما في كتب السير، وروى أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وقال: على شرط مسلم .. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال يا أبا بكر: ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا.:”:” مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ”.”(النحل/92).

ووقف عمر أرضاً بخيبر وربعة له بمكة , كما روي عن ابن عمر أن أباه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضا بخيبر لم يصب مالا أنفس منها فجاء يستشير النبي صلي الله عليه وسلم ، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم ينفقون مما يحبون فأرشده رسول الله إلى الوقف فقال :” إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ، أو قال احبس أصلها وسبل ثمرها” غير انه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث قال : فتصدق بها عمر على الفقراء وذوي القربى والرقاب وابن السبيل والضيف . لا جناح على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقا بالمعروف غير متمول فيه”(متفق عليه). وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به يتأول قول الله تعالى:”لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ ..الآية).

ووقف عثمان ابن عفان دوراً له على ولده من بعده

أخا الإسلام :هل تعلم أن لعثمان بن عفان رضي الله عنه  حساب ربانى في “البنك “حتى اليوم ! وهل عرفت أنه يبني فندقاً من الطراز الفاخر جداً بجوار الحرم المدني اليوم!! وهل تعلم أن وقفه باق إلى اليوم ومزرعته باسمه وشريك في شركات اقتصادية حتى يومنا هذا. سوف أخبرك التفاصيل فكما قيل إذا عرف السبب بطل العجب.

كان سيدنا عثمان رضي الله عنه كثير المال والبر فكان له مواقف سطرها التاريخ نبراسا لمن أراد عمل الخير والإخلاص لله جل جلاله، فكان رضي الله عنه في أحد الموقفين جهز جيش العسرة لغزوة تبوك فجاءوا بصدقات كثيرة فجهَّز وحده سيدنا عثمان رضي الله عنه ثلث الجيش.

أما الموقف الثاني الذي هو سبب ثروة عثمان رضي الله عنه حتى اليوم هو عندما اشترى بئر رومة بعشرين ألف درهم من رجل يهودي، وجعلها للمسلمين. كان رسول الله قد قال: “من حفر بئر رومة فله الجنة”. وجاء أنه لما هاجر المسلمون إلى المدينة مع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، كانوا يشعرون بالضيق من الماء التي يشربونها كونهم تعودوا على شرب ماء زمزم في مكة المكرمة، فجاءوا إلى الرسول الكريم واخبروه بضيقهم وأن هناك بئراً تسمى بئر رومة في المدينة طعمه يشبه إلى حد كبير طعم ماء زمزم. إلا أن هذه البئر يملكها يهودي وهو يبيع الماء بيعاً ولو كان مقدار كف اليد، فأرسل الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى هذا اليهودي وأخبره أن يبيع البئر للمسلمين ، إلا أن اليهودي رفض وأخبرهم أنه يريد المال، فلما سمع سيدنا عثمان القصة ذهب إلى اليهودي وأخبره أنه يريد أن يشتري منه البئر فيكون يوماً للمسلمين ويوماً لليهودي يبيع منه، فوافق. فأصبح الناس يشربون جميعاً في يوم سيدنا عثمان ولا يذهبون للبئر في يوم اليهودي، فشعر هذا اليهودي بالخسارة وذهب إلى سيدنا عثمان وقال له أتشتري البئر فوافق سيدنا عثمان واشتراه مقابل 8 ألاف درهم فقط  وأوقفه لله تعالى يشرب منه المسلمون. وذكر الإمام ابن عبد البر: أنها كانت ركية ليهودي يبيع ماءها للمسلمين ، ومنه اشتراها عثمان على دفعتين الأولى : اشترى النصف الأول بـ ١٢٠٠٠ درهم ، ثم اشترى النصف الآخر بـ ٨٠٠٠ درهم .

بعد أن أوقف البئر للمسلمين وبعد فترة من الزمن أصبح النخيل ينمو حول هذه البئر، فاعتنت به الدول الإسلامية حتى كبر، وبعدها جاءت الدولة السعودية واعتنت به أيضا. فأصبحت الدولة ممثلة بوزارة الزراعة تبيع التمر بالأسواق وما يأتي منه من إيراد يوزع نصفه على الأيتام والمساكين والنصف الآخر يوضع في حساب خاص في البنك لسيدنا عثمان بن عفان تديره وزارة الأوقاف.

وهكذا حتى أصبح اليوم يوجد حساب لسيدنا عثمان بالبنك، وما يكفي من أموال لشراء قطعة أرض في المنطقة المركزية المجاورة للحرم النبوي. ثم بعد ذلك تم الشروع ببناء عمارة فندقية كبيرة من هذا الإيراد أيضا ويتوقع ان يكون إيراد هذا المشروع الفندقي ٥٠ مليون ريال في العام .

كما ورد في نشرة الاكتتاب الخاصة بشركة (جبل عمر) والمنشورة على موقع هيئة سوق المال السعودي، أسماء المؤسسين لهذا المشروع ، فالخليفة الراشد ساهم في تأسيس جبل عمر بوقف جيّد وقد ورد اسمه رضي الله عنه في أسماء المؤسسين كالتالي: (وقف سيدنا عثمان بن عفان) (عيني يمثل 10.537.929). 

من يود أن يزور المدينة المنورة ويشاهد مزرعة الخليفة سيدنا عثمان بن عفان اليوم ، فهي تبعد عن المسجد النبوي قرابة خمس عشرة دقيقة وتقع مزرعة بئر عثمان (رومة) في حي من أرقى الأحياء بالمدينة المنورة ويسمى هذا الحي (بئر عثمان) وتحيط بالمزرعة المخططات السكنية الراقية كمخطط الأزهري، ومخطط عبد الغني حسين ، ومخطط آل المدني، ومخطط الشربيني ، وحي عشوائي من جهة الجنوبي، وقد قامت إدارة الأوقاف بالمدينة المنورة باستخراج حجة استحكام للعرصة التابعة لبئر عثمان (رومة(.

**ووقف علي أرضا له بينبع ووقف الزبير بيته بالمدينة ومصر على ولده . بل قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لم يكن احد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم من أهل القدرة واليسار إلا وقف.

**وفي العصر الأموي حدث تطور كبير في إدارة الأوقاف، فبعد أن كان الواقفون يقومون بأنفسهم على أوقافهم ويشرفون على رعايتها وإدارتها، قامت الدولة الأموية بإنشاء هيئات خاصة للإشراف عليها، وأحدث ديوان مستقل لتسجيلها.

**وفي عهد العباسيين أصبحت للأوقاف إدارة خاصة مستقلة عن القضاء، يقوم عليها رئيس يسمى “صدر الوقوف” وواكب هذا التطور الإداري جهد علمي مفيد، لضبط أحكام الوقف وطرق التصرف فيه ولحماية أملاكه من الضياع، فخصه الفقهاء بمؤلفات خاصة، وأفردوا له فصولا واسعة في مدونات الفقــه الكبرى. وهذا التطور والتوسع في العناية بالأوقاف أدى إلى قيام الوقف بدور كبير في التنمية الاجتماعية على مر التاريخ الإسلامي.

**ورغم ما آل إليه أمر المسلمين من ضعف، وما تعرض له الإسلام من إقصاء عن ميادين الحياة في أصقاع شتى من أرض الله، إلا أن الوقف ظل يؤتي ثماره في التواصل بين أفراد المجتمع المسلم، وبين أجياله المتعاقبة، وكان خير دليل عملي يلمسه المسلمون، ويراه غيرهم، على التكافل الاجتماعي في الإسلام. 

للوقف منافع جمة لاتحصي:

*أيها المسلمون : وللوقف منافع عظيمة في الدنيا والآخرة, فحري بك أيها المسلم الغني يا من ملاء الله يديك بالنعم والأموال أن تقف شيئا منها في سبيل الله سواء كان مسجد أو دار علم أو كان على طلبة العلم أو نشر علم في طباعه الكتب ونشر وسائله ,أو على الفقراء و المساكين . وقد أسهم بشكل كبير في دعم المؤسسات الخيرية والعلمية التي يرجع إليها الفضل بعد الله -تعالى- في استمرارية رسالة الخير، ودعم مسيرة الدفاع عن دين الله -عز وجل- عبر القرون، خاصة وأن الوقف في الإسلام يخدم كل طبقات المجتمع، بل تعدى ذلك إلى عالم الحيوان.وليس من المبالغة أن يقال إن للوقف دوراً بارزاً عبر القرون في الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية ومواصلة الدعوة إلى دين الإسلام.

الأبعاد الدينية للوقف وأهميتها :

*عباد الله: للوقف أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية وثقافية وإنسانية غطت أنشطتها سائر أوجه الحياة الاجتماعية وامتدت لتشمل المساجد والمرافق التابعة لها والدعوة والجهاد في سبيل الله، والمدارس ودور العلم والمكتبات، والمؤسسات الخيرية، وكفالة الضعفاء والفقراء والمساكين والأرامل، والمؤسسات الصحية. ينبغي لكل من أراد أن يقف أن يستشير أهل العلم في بلده على أي شيء يقف فالحوائج تختلف باختلاف البلدان. فيستشير إدارات الأوقاف في هذي البلاد وطلاب العلم والعلماء ولتعلم أيها الواقف أنك إذا وقفت في سبيل الله ونشر العلم وعلى المكاتب التي تعنى بتوعية الجاليات ونشر الإسلام أنه ما من مسلم يستفيد أو يدخل في هذا الدين إلا كان لك مثل أجره من غير أن ينقص من أجر العامل شيئا ويستند شرعيته لأحاديث نبويه كثيرة منها: مارواه أبو هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”

بناء المساجد:

أهم الوظائف التي يشتمل عليها المسجد: الإمامة – الأذان -الصيانة -النظافة -التربية والتعليم -الخطابة -الوعظ والإرشاد -قراءة القرآن -تعليم أبناء المسلمين.

ومن المرافق الهامة التي ترتبط بالمسجد: محلات الطهارة والوضوء، وتحتاج بدورها إلى دعم متصل لتزويدها بالماء الطاهر وتنظيفها وإصلاحها، وهناك مرافق أخرى: كالإنارة والتدفئة أو التبريد وكل هذه الوظائف دامت واتصلت بفضل الوقف.  

 الوقف والجهاد في سبيل الله:

عباد الله : يؤكد مشروعيته هنا ما روى أن خالد بن الوليد حبس دروعه وأكراعه في سبيل الله. ويغطى الوقف هنا:

تأهيل المجاهدين. إعداد العدة اللازمة من سلاح وطعام. صناعة الأسلحة. فك أسرى المسلمين من أيدي الأعداء لقوله تعالي :” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”(الأنفال/60). . وقد سجل تاريخ الإسلام أوقافاً كانت مخصصة لهذا الغرض، ولعل أشهرها وقف صلاح الدين الأيوبي الذي كان ببلده بلبيس.

وبفضل ما تدره الأوقاف من أموال سخية في هذا المجال، قاومت الأمة الإسلامية أعداءها على مر العصور، وصدت جيوش الاستعمار في العصر الحديث، ولم ينجح المستعمر في اختراق حدودها إلا بعد أن ضعفت مؤسسة الوقف وتقلص دورها في حياة المسلمين.

الوقف والمواسم الدينية: تعتبر المواسم والأعياد الإسلامية شعائر تعبدية، فضّلها الله تعالى على غيرها وأمر بإحيائها من هذه المواسم: شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى ويوم عاشوراء.وحرصاً على إقامة هذه الشعائر، أقام المسلمون أوقافاً خاصة بها، وشرطوا أن تخصص لإحيائها، وأن يصرف ريعها على المحتاجين للتفريج عنهم وإدخال السرور على أنفسهم.

وهناك أوقاف أخرى يتجلى فيها هذا البعد الديني كتلك التي كانت مخصصة للحرمين الشريفين، والزوايا، وأهل التصوف ونسخ المصاحف وقراءة القرآن، ولا يتسع المجال هنا للحديث عنها.

ومن منافع ذلك النوع من أنواع الأوقاف انها تدخل السرور على قلب المرء المحتاج حسب قول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم: إشباع جوعته وتنفيس كربته”.

الوقف علي المدارس :

عباد الله: عرف تاريخ الإسلام إيقاف أموال المسلمين على التعليم وبناء المدارس. ولدينا العديد من الأمثلة على عظمة ورقى المسلمين في هذا الصدد. من أمثلة ذلك ما روى في كتب التاريخ حول:

روي الرحالة الشهير ابن جبير أنه شاهد في بغداد نحو ثلاثين مدرسة،

كل واحدة منها في قصر وبناية كبيرة…. أشهرها وأكبرها “المدرسة النظامية”. ولهذه المدارس أوقاف وعقارات للإنفاق عليها وعلى العلماء والدارسين فيها، وكان وقف “نظامية بغداد” خمسة عشر ألف دينار شهرياً، وتخرج منها أكابر العلماء.

تحدث ابن جبير عما شاهده من هذه المدارس في القاهرة ودمشق وغيرها بأنه تأسست المدارس الموقوفة الخاصة بأبناء الفقراء والأيتام واللقطاء.

ويعطي ابن خلدون أمثلة على ما كان في بغداد وقرطبة والكوفة والبصرة والقيروان وفاس من مراكز علمية، ويتحدث عما شاهده في القاهرة من التطور العلمي وازدهار المدارس.

ويذكر التاريخ فضل صلاح الدين الأيوبي في إنشاء المدارس العلمية في جميع المدن التي كانت تحت سلطانه، في مصر ودمشق والموصل وبيت المقدس.

الوقف علي المكتبات : انتشرت المكتبات التي أوقفها المسلمون في جميع بلاد المسلمين في بغداد ومصر والشام والأندلس والمغرب على مَرِّ التاريخ.

وهناك أمثله عديدة توضح المستوى الذي كانت عليه تلك المكتبات:

 (أ)حوت المكتبة التي أوقفها ابن مليس الوزير الفاطمي على: غرف عديدة للمطالعة، وقاعات خاصة للمحاضرات والمناظرات، وقاعة خاصة لتوجيه الباحثين والناشئين. وأعطيت من ريع وقفها مرتبات لطلبة العلم والعلماء والقائمين عليها.

 (ب)يقال أن المكتبة التي أوقفها بنو عَمَّار في طرابلس الشام، كانت آية في السعة والضخامة، وإنها اشتملت على مليون كتاب.

(ج)يصف لنا ابن جبير عن المكتبات التي أوقفها المسلمون في مصر فيقول: “ومن مناقب هذا البلد (أي مصر)، ومفاخره أن الأماكن في هذه المكتبات قد خصصت لأهل العلم فيهم، فهم يفدون من أقطار نائية فيلقى كل واحد منهم مأوى يأوي إليه ومالاً يصلح به أحواله. وبلغ من عناية السلطان بهؤلاء الذين يفدون للاستفادة العلمية، أن أمر بتعيين حمامات يستحمون فيها، وخصص لهم مستشفى لعلاج من مرض منهم، وخصص لهم أطباء يزورونهم وهم في مجالسهم العلمية، وخصص لهم الخدم لقضاء حاجاتهم.”

الوقف في المجال الصحي

أخوة الإيمان :بلغ من عناية المسلمين بالرعاية الصحية وتطوير خدماتها، أن خصصت أوقافاً وقفت على رعاية المرضى جميعاً دون تمييز بين فقير وغنى. ويجب أن نشير إلى أن الخدمات الصحية التي تقدمها هذه المراكز الطبية، من علاج وعمليات وأدوية وطعام، كانت مجــــــــــانــــــــــــاً بفضل الأوقاف التي كان المسلمون يرصدونها لهذه الأغراض الإنسانية، إذ كانت الرعاية الصحية في سائر البلاد الإسلامية إلى وقت قريب من أعمال البــــر والخيــــــــــر، ولم تكن هناك وزارات للصحة العمومية كما في العصر الحاضر. وكان للأوقاف أثر حميد في النهوض بعلوم الطب، لأن دور المستشفيات التي ينفق عليها من الأوقاف لم يقتصر على تقديم العلاج، وإنما تعدى ذلك إلى تدريس علم الطب، فكانت تخصص قاعات داخل المستشفيات الكبيرة للدروس والمحاضرات.

بعض الأمثلة لبيان مستوى تلك الخدمات الطبية : (أ)كان أول مستشفى كبير في تاريخ الحضارة الإسلامية هو “البيمارستان” الذي أمر ببنائه هارون الرشيد ببغداد. ثم توالت بناء المستشفيات حسب نظام الوقف حتى أصبح ببغداد وحدها في مطلع القرن الرابع الهجري خمسة مستشفيات. (ب)وصل الأمر إلى بنــــــــاء أحيــــــاء طبيــــة متكـــامـــــلــة: فقد تحدث ابن جبير في رحلته: أنه وجد ببغداد حياً كاملاً من أحيائها يشبه المدينة الصغيرة، كان يسمى بسوق المارستان، يتوسطه قصر فخم جميل وتحيط به الغياض والرياض والمقاصير والبيوت المتعددة، وكلها أوقاف وقفت على المرضى، وكان يؤمه الأطباء والصيادلة وطلبة الطب، إذ كانت النفقات جارية عليهم من الأموال الوقفية المنتشرة ببغداد. (ج)تحدثت كتب التاريخ عن المستشفيات التي أنشئت في مصر بفضل أموال الوقف: مثل:مستشفى أنشأه الفتح بن خافان ومستشفى أمير مصر أحمد بن طولون والمستشفى التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي. وتحدث المؤرخون والرحالة عن المستشفى التي أنشأه الملك قلاوون بمصر، وجعله وقفاً لعلاج مرضى المسلمين، قال عنه ابن بطوطة: إنه يعجز الوصف عن محاسنه، وقد أعد فيه من الأدوية والمرافق الخدمية ما لا يحصى. (د)وكثرت المنشآت الصحية بمدن الأندلس حتى ان مدينة قرطبة وحدها كان بها خمسون مستشفى، أوقفها الخلفاء والأمراء والموسرون. وكذلك الحال في المغرب الأقصى حيث انتشرت المستشفيات في أهم المدن وتحدث عنها المؤرخون بإسهاب، ومن أهمها مستشفى سيدي فرج بفاس التي خصص جزءا منها لعلاج طير اللقلاق، وجزءا خصص للموسيقيين الذين يزورون المرضى مرة كل أسبوع للترفيه عنهم

الوقف علي  الرعاية الاجتماعية:

عباد الله :تعددت أنواع الوقف في هذا المجال عبر التاريخ الإسلامي فهناك:

أوقاف للّقطاء واليتامى لإيوائهم ورعايتهم وختانهم. أوقاف مخصصة لرعاية المقعدين والعميان والشيوخ والعجزة، وأوقاف لإمدادهم بمن يقودهم ويخدمهم.

وأوقاف لتزويج الشباب والفتيات ممن تضيق أيديهم وأيدي أوليائهم عن نفقاتهم، وفي بعض المدن دور خاصة حبست على الفقراء لإقامة أعراسهم.

وأوقاف لإمداد الأمهات المرضعات بالحليب والسكر، ويذكر المؤرخون بإعجاب شديد أن من محاسن صلاح الدين الأيوبي أنه جعل في أحد أبواب القلعة بدمشق ميزاباً يسيل منه الحليب، وميزابا يسيل منه الماء المحلى بالسكر، تأتي إليهما الأمهات في كل أسبوع ليأخذن لأطفالهن ما يحتاجون إليه من الحليب والسكر.

وأوقاف لإنشاء دور للضيافة والاستراحة (الخانات). 

وأوقاف لقضاء الديون عن المعسرين، وأوقاف للقرض الحسن، وأوقاف لتوفير البذور الزراعية، ولشق الأنهار وحفر الآبار. ومن أهم المنشآت الاجتماعية التي نشأت في المجتمعات الإسلامية، بفضل الاهتمام بالوقف، أسبلة المياه الصالحة للشرب(السقايات) وكان من تقاليد الوقف أن تلحق الأسبلة بالمساجد، وغالباً ما تكون وسط المدينة أو على طرق القوافل، لتكون في متناول الجميع.

وشاع الوقف لهذا الوجه من البِرِّ في سائر أنحاء العالم الإسلامي، لعظيم فضلها وثوابها.

وهناك أوقاف مشهورة في التاريخ لتزويد مكة المكرمة بالماء الطاهر الطيب، أشهرها وقف السيدة زبيدة زوج هارون الرشيد، وما زال يعرف بعين زبيدة.

نفعني الله وإياكم بما نقول ونسمع وجعلنا من الذين يستمعون الحديث فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. استغفروا الله وتوبوا إليه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون..

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي منّ علينا بالإسلام ، ورضيه لنا ديناً والصلاة والسلام الأتمان الأكملان ، على نبينا خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد فيا جماعة الإسلام :

لازلنا نواصل الحديث حول الوقف وخصائصه والمحافظة عليه وحرمة تبديده ومن خصائص الوقف في الإسلام دوام الأجر للواقف وعدم انقطاعه، طالما بقيت العين الموقوفة، عن عثمان -رضي الله عنه- أن النبي صلي الله عليه وسلم – قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: “مَن يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين، بخير له منها في الجنة؟”، فاشتريتها من صلب مالي”(مسلم.(

ولما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن احتبس –أي: أوقف- فرساً في سبيل الله إيماناً واحتساباً فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة حسنات)”. البخاري).

 إنَّ الوقف يُعَدُّ صورة من صور التعاون على البر والتقوى، وإبرازاً لمعنى التلاحم والشعور بالجسد الواحد للأمة، ليس هذا فقط؛ وإنما تظهر منفعته بجلاء للمُوقِفِ بعد وفاته، قال الله -تعالى-: “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”(البقرة/261).  

أخوة الإسلام :الكثير من المسلمين ممن وفقهم الله -تعالى- إلى وقف جزء من أموالهم، يقصرون ذلك على جهات معينة، أو أعمال محدودة، والكثير ينصون في وصاياهم على أن ثلث أموالهم توقف وتصرف في تأدية الحج، وأضحية تذبح عن الموصي، أو حفر بئر، ونحوها، ويقصرون الوقف على ذلك، وهذا فيه خير كثير، والحاجة إليه ماسة.

لكن -مع ذلك- يتعين على الموقف أن يعلم أن ريع وقفه ربما يكون كبيراً، غير أن نص الوصية يفوت عليه وعلى المسلمين الانتفاع بها أكثر، ويمنع ويحول دون تمدد نفعها.

إن الوقف قربة إلى الله -تعالى-، يتواصل ثوابه حتى بعد الممات، وحاجة المسلمين تزداد، ومشاريعهم تتوسع، فينبغي على من أوقف أن يتفطن إلى هذه المعاني؛ رجاء أن يصل نفع وقفه جهات كثيرة.

أيها المسلمون: إن المقصود بالوقف في شريعة محمد صلي الله عليه وسلم  هو التقرب إلى الله تعالى ونفع الموقوف عليهم، وهذا يتم في حياة الشخص، وليس بعد مماته، فإن ما يكون بعد مماته هو الوصية، ولا يجوز ولا يملك الشخص أن يوصي بشيء بعد مماته أكثر من ثلث ما يملك، أما إذا أوقفه في حياته فله أن يوقف ما شاء.

في الصحيحين  أن رجلاً قال يا رسول الله: أي الصدقة أفضل؟ وفي لفظ أعظم أجراً؟ قال: “أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان”(البخاري ومسلم).

أيها الناس : اتقوا الله ولا تبددوا أموال الوقف ولا تستحلوها لأنفسكم ومن كان تحت يده شيء من ذلك فليبادر بتسليمها أو استبدالها لأنه بذلك يمسك قطعة من الجمر سوف تقوده
إلي نار جهنم والعياذ بالله لأن هذا المال مال الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى واللقطاء وأموال أصحابها الموقوفة عليهم وأموال الغير لا تستحل لك بغير وجه حق وهو أكل لأموال الناس بالباطل وقد نهي الله عزوجل عن أكلها :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ..”(النساء/29). وقال تعالي:” وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة /188).

وأكل لأموال اليتامي ظلماً:” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”(النساء:10). ولن ينفعه هذا المال الذي استحله وتحايل في اغتصابه وهضمه وسوف يكون وبال عليه في الدنيا وفي الآخرة لأن أشد عذاب يوم  القيامة هو عذاب المال وإن شئت فاقرأ:” يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (التوبة/35).

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسيتخطى غيركم إليكم فاعدوا العدة واعدو للسؤال جوابا وللجواب صواباً, فان العمل اليوم والحساب غداً

ابن آدم :” أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ ؛ فَإِنَّكَ مُفَارِقُه , وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ ؛ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ , وَعِشْ مَا شِئْتَ ؛ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ..”

ابن آدم :” البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، اعمل ما شئت، كما تدين تدان “

 اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم يا حي يا قيوم احفظنا بحفظك وأكلنا برعايتك، اللهم اجعل بلدنا آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »